السؤال الذي ظل محورا هاما في أدب الطفل علي وجه الخصوص هو : هل نكتب " عن " وليس " إلي " الأطفال في مصر والوطن العربي. ليس الأطفال خطابا مُعدا لمجموعة من التعليمات وقراءة واقعهم. أن تكون الكتابة للطفل مبتكرة وملهمة بل أريدها أن تكون كتابة منصتة لما يريده الطفل وما يضيف لعالمه ويساعده في اكتشاف ذاته. فهل كتاب الطفل لابد أن يهتم بالأحداث الكبري المحيطة به من ثورات وحروب وغيرها مما تؤثر في وجدانه وسلوكه ؟؟ كتاب الطفل هو كتاب يهتم بكل ما يعيشه الأطفال في ممالك أحلامهم ودهاليزهم السرية من عوالم اللعب والخيال الخاصة بهم لكن أيضا لابد من التعبير والاقتراب من الواقع اليومي والأحداث الكبيرة التي تؤثر بشكل مباشر. وتلك الأحداث وجودها في واقع أدب الطفل قليلة بالنسبة لتصدرها حياته اليومية وخاصة خلال السنوات القليلة، إنها إما أن تكون كتابة رد فعل أو كتابة تخص مناسبة وهي كتابات مباشرة مثلما حدث عندما قامت ثورة 25 يناير بدأت بعض مجلات الأطفال في نشر قصص مصورة وأشعار ورسوم تخص تلك الثورة أو تدور في طيات أحداثها. لكن الكتابة عن تلك الأحداث تحتاج إلي جهد وتأمل ورؤية حيث أنها تمثل تحدياً كبيراً فكيف تحقق المخيلة التخلص من الواقع اليومي المؤلم والمنحصر في مشاعر حزينة وطاقة سلبية عن طريق خلق عالم جمالي تخيلي يكون كل شيء فيه حر بقوانينه الخاصة ومفرداته، فهناك عبوديات يخضع لها من يحاول الكتابة للطفل عن ذلك الواقع مثلما يحاكيه أو ينقل تجارب أطفال عاشوا تلك المأساة ومدي تأثير الأحداث عليهم. لكن الكاتب الذي يحمل مخيلة وهم أفضل أنواع كتاب الأطفال من وجهة نظري يخلق نوعا من الحلول يتعارض مع الحلول المألوفة. إنه يرفض الثقافة المدرسية، تلك الثقافة التي تكرس لنزعة التطابق مع المجتمع. ومن التجارب المتعمقة في مناقشة الكتابة حول واقع الطفل المؤلم المحاط بالأحداث السياسية الكبري تجربة الكتابة للطفل وعن الطفل الفلسطيني وعن الاحتلال ومشكلة الحرب الكبري بين عالم والعدو الإسرائيلي فهي تجربة طويلة انتجت الكثير من الكتب والقصص التي تناقش الهوية وكيفية إيجاد الحلول الفنية وخاصة القابلة للتطبيق فمثلا هناك قصة للكاتبة مريم حمد بعنوان " في فضاء واحد " ناقشت فيها واقع الجدار الأليم حيث تحكي قصة صديقين كانا لا يفترقان حتي أقيم الجدار لكنهما وجدا حلا بديعا وهو أن يلتقيا من خلال طائرتيهما الورقيتين القادرتين علي عبور الجدار حتي تروق تلك الفكرة للأطفال وتكثر الطائرات الورقية التي تحمل ألوان العلم الفلسطيني لكي تعبر الجدار بمنتهي السلاسة والفخر. ولن أنسي الكتاب الرائع للكبير محيي الدين اللباد " 30 سؤالا " الصادر من سلسلة الرماة الصغار الذي يطرح ثلاثين سؤالا مدهشا حول قضيا الاحتلال والهوية وطبيعة الأرض والصراع مثل : " من أين الحجارة ؟ / لماذا كف أولاد فلسطين عن صيد العصافير؟ ماهي الحجارة بعيدة المدي ؟ / لماذا لا يُفرط الناس الآن- في العجل القديم ؟ / كيف يشارك دجاج فلسطين في الانتفاضة ؟ وغيرها من الأسئلة المبتكرة والساخرة والمحفزة . " إن أدب الأطفال المعبرعن تلك الأحداث المريرة والصعبة التي تتميز بالاشتراك في الذاتية والعمومية بنفس الوقت هو حالة من التحفز المبدع لدي الكاتب لذكريات بعيدة أو قريبة، شخصية أو تخص الآخر نتصنع عالما في خدمة نشاط مستمر يكمن جماله في الإضافة لطفل فاعل لنفسه ولما يحدث حوله. صحيح ان المنتج الأدبي من تلك النوعية قليل لكنه مؤثر عندما يقترب من الطفل المصري والعربي عبير عبد العزيز |
ماذا نحكي للأطفال؟
4/
5
Oleh
adm